التهاب المفاصل الروماتزمي
التهاب المفاصل الروماتزمي هو شكل من التهاب المفصل يسبب الألم والتورم والتيبس وفقدان وظيفة المفصل. يمكن أن يصيب الالتهاب أي مفصل ولكن أكثر الحالات تصيب المعصم والأصابع. تُصاب النساء بهذا المرض أكثر من الرجال. وهو يبدأ غالباً بين الخامسة والعشرين والخامسة والخمسين من العمر. وقد تدوم الإصابة فترة وجيزة فقط، أو قد تظهر الأعراض وتختفي. كما يمكن أن يستمر الشكل الشديد من هذا المرض طيلة الحياة.
إن التهاب المفاصل الروماتزمي مرض مختلف عن التهاب المفصل والعظم الذي يظهر في مرحلة متقدمة من العمر. يمكن أن يؤثر التهاب المفاصل الروماتزمي على أجزاء أخرى الجسم إضافة إلى المفاصل، كالعين والفم والرئة مثلاً. يعتبر هذا المرض من أمراض المناعة الذاتية، ويعني ذلك أن التهاب المفصل ينجم عن قيام جهاز المناعة في الجسم بمهاجمة أعضاء الجسم نفسه.
إن سبب التهاب المفاصل الروماتزمي غير معروف لكن من الممكن أن تساهم الجينات والبيئة والهرمونات في حدوثه.قد تستطيع المعالجات المختلفة إبطاء أو إيقاف أذيّة المفصل وتراجع الورم والألم. ومن هذه المعالجات استخدام الأدوية وتبديل نمط الحياة والجراحة.
مقدمة
إنّ التهاب المفصل الروماتويدي مرضٌ منتشرٌ وهو يصيب الملايين من الناس حول العالم.
إن التهاب المفصل الروماتويدي من أكثر أشكال التهاب المفاصل إحداثاً للعجز والإعاقة. فهو يسبب ألم المفاصل وتشوّهها، وتيبّسها الشّديد.
إنّ معرفة المريض لالتهاب المفصل الروماتويدي معرفة جيّدة تساعده على التعامل مع مرَضِه بشكلٍ مناسب وعلى التكيُّف معه.
يشرح هذا البرنامج التعليمي كيف يتطوّر التهاب المفصل الروماتويديّ، وكيف يتمّ تشخيصه ومعالجته. كما أنّه يشرح باختصار الإجراءات التي يمكن أن يقوم بها المريض للمساعدة في معالجة مرضه.
تشريح المفصل
إنّ التهاب المفصل، كما هو واضحٌ من اسمه، مرضٌ يصيب المفاصل. يقدّم هذا الفصل فكرةً عن تشريح المفصل.
إن العظام تمكِّننا من الوقوف باستقامة، أما العضلات فهي التي تجعل العظام تتحرك بشكل متناسق.
تقوم المفاصل بربط العظام إلى بعضها البعض. إن أكثر المفاصل وضوحاً هي مفاصل الكتفَين والمرفقَين والمعصمَين والوركَين والركبتَين والكاحلَين.
يوجد مفاصل بين مختلف عظام الأصابع في أيدينا وأرجلنا. ولدينا أيضاً مفاصل تصل بين الفقرات وتسمح لها بالحركة.
تغطي مادةٌ تدعى الغضروف نهاياتِ العظام عند المفاصل، يمنع الغضروف الاحتكاك المباشر بين العظام أثناء الحركة.
يوجد بين الغضروفََيْن اللذين يغطيان نهايتي عظمَي المفصل محفظةٌ صغيرة يبطنها غشاء نسيجي يدعى الغشاء الزليلي أو الغشاء المصلي، ويحوي الغشاء الزليلي كمية قليلة من السائل الذي يساعد على تزليق السطوح المفصلية. إن وجود كل من الغضروف والغشاء الزليلي أو الغشاء المصلي يسمح بحركة سلسة وغير مؤلمة في كل مفصل من المفاصل.
الْتِهابُ المَفْصِلِ الرُّوماتويديّ
هناك عدة أنواعٍ من التهاب المفاصل. إنّ الداء المفصلي العظميّ أو خُشُوْنَةُ المفصل أو التهاب العظم والمفصل هو أحد هذه الأنواع، وهو ينتج عن التمزق والإهتراء المزمنين للمفصل.
أما التهاب المفصل التالي للرض فهو شكل آخر من التهاب المفاصل يحدث بعد تعرض المفصل للرض أو الجرح.
تصاب المحفظة الزليلية أو المحفظة المصلية بالالتهاب في سياق التهاب المفصل الروماتويدي. وهو ما يؤدّي إلى تدمير الغشاء الزليلي أو الغشاء المصلي، و تدمير المفصل الّذي يبطنه ذلك الغشاء الزليلي على حدٍّ سواء.
يسبب التهاب المفاصل في الحالة النموذجية للمرض ألماً وتحديداً في حركة المفصل، ويضاف إليها في حالة التهاب المفصل الروماتويدي تورّم المفصل واحمراره والإحساس بالألم عند جسِّ المفصل.
يصيب التهاب المفصل الروماتويدي النساء أكثر مما يصيب الرجال بثلاث مرات. وهو يحدث عادةً بين العشرين والأربعين من العمر، ولكنه قد يصيب الأطفال الصغار والمسنين أيضاً.
أكثر المفاصل عرضة للإصابة بالتهاب المفصل الروماتويدي هي:
المفاصل بين راحة اليد والأصابع، وتسمى أيضاً المفاصل السنعية السلامية
المفاصل بين الفقرات
الوركان
الركبتان
الرسغان
إن التهاب المفصل الروماتويدي هو مرضٌ مزمنٌ، أي أن هناك ألم مستمر، ولكن قد تحدث في سياق المرض هجمات حادة حيث يشتد الالتهاب وتزداد الأعراض حدّةً.
أعراض التهاب المفاصل الروماتويدي
تتضمن الأعراض المبكرة لالتهاب المفصل الروماتويدي ألماً وتورماً في مفاصل اليدًين والقدمَين. ويصيب المرض جانبََيْ الجسم في نفس الوقت عادة.
ومن الأعراض الأخرى لهذا المرض:
ألمٌ ويبوسةٌ في العضلات والمفاصل، خاصة عند الاستيقاظ من النوم.
خسارة المفاصل المصابة لقوّتها ولقدرتها على الحركة.
تعب أو ارتفاع بسيط في درجة الحرارة
عندما يكون التهاب المفاصل شديداً ينمو العظمان على طرفي المفصل باتجاه بعضهما، ويمكن أن يلتحما معاً.
قد تظهر كتل صغيرة تدعى العقيدات الروماتويدية تحت الجلد قرب المفصل المصاب. يتراوح حجم هذه العقيدات بين حبة البازيلاء والجوزة.
يمكن أن يسبب التهاب المفصل الروماتويدي التهاباً في أعضاء أخرى إضافة للمفاصل، مثل الغدد الدمعية، والغدد اللعابية، وشغاف القلب، وهو الطبقة المبطنة للقلب، والرئتين.
أسباب التهاب المفاصل الروماتويدي
إنّ التهاب المفصل الروماتويدي هو أحد أمراض جهاز المناعة. يقوم الجهاز المناعي بحماية الجسم من المواد الغريبة كالجراثيم والفيروسات الّتي تحاول غزوه.
تعتبر خلايا الدم البيضاء جزءاً من الجهاز المناعي. وهي الخلايا التي تهاجم المواد الغريبة كالجراثيم والفيروسات. عند الإصابة بالتهاب المفصل الروماتويدي تدخل هذه الخلايا إلى داخل الغشاء الزليلي وتطلق مادةً بروتينيةً.
تؤدي هذه المادة البروتينية إلى تسمُّك الغشاء الزليلي وتدمر العظام والأربطة والغضاريف ضمن المفصل المصاب. تحدث هذه العملية تدريجياً على امتداد أشهرٍ وربما سنوات، حيث يتشوّه المفصل في البداية ثم يفقد وظيفته بعد ذلك.
لا يعرف الباحثون حتى الآن سبب قيام خلايا الدم البيضاء بمهاجمة الغشاء الزليلي، وربما يكون للجراثيم أو الفيروسات دورٌ ما في إثارة هذه العملية.
ينتقل التهاب المفصل الروماتويدي ضمن الأُسَر، أي أن الأطفال المولودين لأبوين مصابين بالمرض يكونون أكثر عرضةً للإصابة به، ولكن ليس كل هؤلاء الأطفال سوف يصابون بهذا المرض حتماً.
تشخيص التهاب المفاصل الروماتويدي
يجب على الناس الّذين يعانون من ألمٍ وتورّمٍ في المفاصل في جانبَي الجسم أن يراجعوا الطبيب لإجراء اختباراتٍ للكشف عن التهاب المفصل الروماتويدي.
يقوم الطبيب بإجراء فحص سريري لتشخيص التهاب المفصل الروماتويدي، كما يسأل بعض الأسئلة حول التاريخ المرضي للشخص، ويطلب إجراء بعض الفحوص الدموية. هناك مادة كيميائية خاصة تسمّى العامل الروماتويدي، أو RF، غالباً ما توجد في دم المرضى المصابين بالتهاب المفصل الروماتويدي.
وقد يطلب الطبيب إجراء صور شعاعية للمفاصل المصابة. كما يطلب إجراء صور شعاعية كل فترة لمراقبة تطور المرض والتغيرات التي تحدث في المفاصل نتيجة له.
علاج التهاب المفاصل الروماتويدي
لا يتوفر حالياً معالجة تشفي من التهاب المفصل الروماتويدي. ولكن العلماء أحرزوا في الفترة الأخيرة تقدماً ملحوظاً في طرق تدبير هذا المرض.
هناك أدوية متنوعة تساعد على إبطاء سير المرض والسيطرة على الأعراض. كما أن الجراحة يمكن أن تساعد أيضاً في تخفيف الألم واستعادة المفصل لوظيفته في بعض الحالات.
يمكن الحصول على بعض أدوية التهاب المفصل الروماتويدي بدون وصفة طبية، كالأدوية المضادة للالتهاب مثل البروفن والأسبرين. تخفف هذه الأدوية الألم والالتهاب، على الرغم من آثارها الجانبية المؤذية للمعدة.
هناك زمرة جديدة من الأدوية المضادة للالتهاب تسبب ضرراً أقل للمعدة.
قد تدعو الحاجة أحياناً لاستعمال أدوية أقوى، ومن هذه الأدوية مختلف أنواع مضادات الالتهاب الستيروئيدية.
تخفف هذه الأدوية الالتهاب كما أنها تبطئ من سرعة تدمير المفصل، ولكن قد يكون لها آثارٌ جانبية. ولذلك يجب تناولها بدقة كما وُصفت، وعدم التوقف عن تناولها بشكل مفاجئ دون استشارة الطبيب.
قد تستعمل أدوية أخرى لإبطاء سير المرض، مثل مركبات الذهب.
تُستعمل أدوية السرطان مثل الميثوتريكسات في بعض الأحيان لتخفيف شدة الالتهاب.
أظهرت زمرة حديثة نسبياً من الأدوية تدعى الأدوية المُعَدِّلة للاستجابة البيولوجية آمالاً واعدة في تخفيف الأعراض وإبطاء وتيرة تقدم المرض في التهاب المفاصل الروماتويدي. تعدل هذه الأدوية استجابة الجهاز المناعيّ مباشرة عن طريق تثبيط بروتينات تساهم في إثارة الالتهاب تدعى "السيتوكينات". إلا أن دراسات حديثة أشارت إلى أن بعض هذه الأدوية قد تسبب في ارتفاع خطر الإصابة بالسرطان خاصة عند الأطفال والبالغين. ويجب استشارة الطبيب حول فوائد ومخاطر هذه الأدوية قبل استعمالها.
يمكن اللجوء إلى المعالجة الفيزيائية أيضاً، وذلك للمحافظة على شكل وهيئة المفصل المصاب بصورة مقبولة.
ينصح الأطباء عادة باستخدام الجبائر لمنع تشوّه المفصل أو إبطاء هذا التشوّه أو تخفيفه. وهناك طرق كثيرة لمساعدة المريض على الحياة بشكل فعال ونشيط يمكن معرفتها عن طريق استشارة الطبيب أو المعالج الفيزيائي.
يمكن اللجوء إلى الجراحة عندما تفشل الطرق الأخرى، وذلك لدمج أو استبدال المفاصل لوقف تشوّهها وتحسين وظيفتها. يؤدي وجود مفصل المعصم السائب إلى جعل اليد عديمة الفائدة، أما إذا تم دمج هذا المفصل فإن اليد تبقى صالحة للاستعمال.
يؤدي التهاب المفاصل في العمود الفقري إلى تشكل زوائد عظمية، وهي ما نسميها "المناقير". تضغط هذه المناقير على الحبل الشوكيّ أو على الأعصاب مما يسبب الألم والتنميل في السّاق. تستطيع الجراحة تخليص الحبل الشوكي أو الأعصاب من هذا الضغط، كما تستطيع أيضاً أن تقوم بدمج بعض الفقرات المصابة لمنع انزلاق هذه الفقرات من مكانها.
العناية الذاتية
قد يكون التهاب المفصل الروماتويدي مرضاً غير قابل للشفاء، ولكن يمكن تدبيره باستعمال بعض الأدوية واتباع طرق العناية الذاتية، وهذه بعضٌ من هذه الطرق:
ممارسة الرياضة بانتظام: على المريض البدء ببرنامج تمارين مناسب بعد التشاور مع الطبيب أو المعالج الفيزيائي. إن الأنواع المختلفة من التهاب المفصل الروماتويدي تحتاج أنواعاً مختلفة من التمارين.
التحكم بالوزن: يؤدي الوزن الزائد إلى زيادة الضغط على المفاصل. إن تناول أطعمة مغذية بشكل متوازن وممارسة الرياضة يساعد على التحكم بالوزن. ولكن لا توجد أنواع محددة من الأغذية تملك القدرة على تخفيف الألم والالتهاب في التهاب المفصل الروماتويدي.
تطبيق الحرارة أو البرودة: قد تساعد الحرارة على تخفيف الألم عن طريق زيادة تدفق الدم إلى المفصل المصاب. يمكن لحمام ساخن مدة 15 دقيقة أن يخفف من الألم في التهاب المفصل الروماتويدي. كما أن المعالجة بالتبريد تستطيع أن تخفّف الإحساس بالألم. قد ينصحك الطبيب بوضع قطع من الثلج ضمن محفظة على المفصل الملتهب أثناء الهجمة الحادّة.
عدم تحميل المفاصل فوق طاقتها: يستطيع المريض مساعدة عضلاته ومفاصله وذلك بأن يحافظ على وضعية جسم مناسبة أثناء العمل أو حمل الأشياء. وأن يتناول الأشياء بكلتي يديه وأن يعتمد على عضلاته الكبيرة في رفع أو حمل الأشياء الثقيلة.
إنّ التهاب المفصل الروماتويدي مرضٌ مزمنٌ كما سبق القول. وقد يؤدي الإحساس المستمر بالألم عند بعض المرضى إلى وقوعهم ضحية ًللاكتئاب. لذلك من المهم أن يتمتع المريض بمعنويات عالية في مواجهة المرض ويعرف كيف يساعد نفسه على الاسترخاء والراحة. وقد يلجأ الطبيب في بعض الحالات إلى وصف الأدوية المضادة للاكتئاب.
الخلاصة
إن التهاب المفصل الروماتويدي مرضٌ مزمن يصيب المفاصل ويمكن أن يسبب الألم وتشوه المفاصل المصابة وتيبسها الشديد.
كان كثير من مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي فيما مضى يجدون أنفسهم حبيسي الكرسي المتحرك، أما الآن وبفضل التطور المشهود في الطب والجراحة فقد أصبح تدبير هذا المرض أكثر نجاحاً وأصبح بوسع المرضى أن يعيشوا حياتهم ويمارسوا أعمالهم بشكل فعال.
هناك الكثير من الطرق لمعالجة التهاب المفاصل الروماتويدي ليتم الاختيار من بينها، وهي تشمل مجموعة واسعة من الأدوية والمعالجة الفيزيائية.
إن استعداد المريض للمشاركة في معالجة مرضه ومتابعة العناية به تساهم إلى حدٍّ بعيد في السيطرة على التهاب المفصل الروماتويدي.
0 Comments: